أحدهما يعاند وجود الآخر ويجعل المكلّف عاجزا عن تحصيله ، فمتى ما صلّى المكلّف فإنّه عاجز عن الإنقاذ وإذا ما أنقذ الغريق فإنّه يتعذّر عليه الإتيان بالصلاة حين الإنقاذ ، ومن هنا يكون عدم أحدهما مقدّمة لفعل الآخر ، فعدم الصلاة مقدّمة لإنقاذ الغريق ، وإذا كان كذلك فعدم الصلاة يكون من مقدّمات الواجب « الإنقاذ » حيث يتوقّف تحصيل الإنقاذ عليه ـ أي على عدم الصلاة ـ وبهذا يثبت أنّ عدم الصلاة واجب بالوجوب الغيري ، فإذا كان عدم الصلاة واجبا ففعله حرام ؛ لأنّ وجوب الشيء يقتضي حرمة نقيضه ، ولمّا كان عدم الصلاة واجبا فنقيضه حرام وهي الصلاة كما ثبت ذلك في المقام الأول.
والجواب عن هذا الدليل :
وقد أجاب المصنّف رحمهالله على هذا الدليل بجوابين أحّدهما حلّي والآخر نقضي.
أمّا الجواب الحلّي :
فحاصله : هو إنكار المقدمية بين ترك أحد الضدّين لفعل الضدّ الآخر ؛ وذلك لأنّ المقدّمة قد افترضت علّة أو جزء علّة لفعل الضد الآخر والحال أنّ علّة فعل الضدّ هو اختيار المكلّف ، فقد يترك أحد الضدّين ومع ذلك لا يتحقّق الضد الآخر ؛ وذلك لعدم اختيار المكلّف لفعل ذلك الضد ، فوجود الضدّ وعدم وجوده منوط باختيار المكلّف كما هو أوضح من أن يخفى ، فلا فعل الضدّ معلول لترك الضدّ الآخر ولا ترك الضدّ الآخر معلول لفعل الضدّ الأوّل ، بل إنّ الفعل والترك معلولان معا لاختيار المكلّف.
مثلا حينما ينقذ المكلّف الغريق لا يكون هذا الإنقاذ معلولا لترك الصلاة كما لا يكون ترك الصلاة معلولا للإنقاذ ، بل إنّهما معلولان معا