أية حال.
ثم إنّ هنا أمرا لا بدّ من التنبيه عليه ، وهو أنّ القضايا المدركة بالعقل تارة تكون قطعيّة وأخرى تكون ظنّيّة ، والتي نحتاج للبحث عن حجيّتها هي القضايا العقلية الظنية ، أمّا القضايا العقليّة القطعية ، فيكفي في إثبات حجّيتها ما تقدم من أنّ القطع حجة بذاته ويستحيل المنع عن حجّيته.
ولتوضيح المطلب أكثر نقول : إنّ محلّ النزاع في حجّية الدليل العقلي يمكن تصنيفه إلى موردين :
المورد الأول : في حجيّة الأدلة العقلية الظنية كحجّية القياس الظني والاستقراء الناقص والاستحسان والمصالح المرسلة ، وهذا النزاع واقع بين أبناء العامّة ومذهب الإماميّة ، فمذهب الإمامية قاطبة على عدم حجيّة هذا النحو من القضايا العقليّة ، وأكثر العامة يبنون على حجيّة هذه القضايا العقليّة.
المورد الثاني : في حجية الأدلة العقلية القطعيّة كحجيّة ما يدركه العقل من قبح الظلم ، والنزاع هنا واقع بين الإماميّة أنفسهم ، فمذهب مشهور الأصوليّين هو حجيّة هذا النحو من القضايا العقلية ؛ وذلك لحجيّة القطع بذاته سواء كان ناشئا عن الكتاب والسنة أو كان ناشئا عن مقدمات عقلية ، وأمّا مذهب الأخباريين فهو عدم حجية هذا النحو من القضايا العقلية وإن كانت موجبة للقطع ؛ إذ أنّ حجية القطع في نظرهم مختصّ بما إذا كان ناشئا عن الكتاب والسنّة.
وحيث إننا بحثنا حجية القطع وثبت لنا أن القطع حجّة بنحو مطلق فلا نحتاج لإعادة البحث عن حجيّة القضايا العقلية القطعيّة ؛ فلذلك سوف