وتعالى.
وواقع النسخ في الشريعة الإسلاميّة وسائر الشرايع السماويّة هي أنّ المولى جلّ وعلا حينما لا حظ الفعل ولا حظ اشتماله على المصلحة وأنّها ليست دائميّة بل إنّها مؤقّتة ، أو أنّ المصلحة مرتبطة بحيثيّات خاصّة فتعلّقت له إرادة متناسبة من أول الأمر مع حدود المصلحة المتعلّقة بالفعل فهي إرادة مؤقّتة ومحدّدة بحدود المصلحة المتعلّقة بالفعل ، وهذا ما يقتضي زوال الإرادة بزوال مصلحة الفعل وانتفاء الإرادة بانتفاء الحيثيّات الدخلية في اشتمال الفعل على المصلحة ، فالنسخ بهذا المعنى ممكن على الله سبحانه وتعالى ؛ إذ أنّه لا يتنافى مع علمه وإحاطته بأوجه المصالح والمفاسد.
فالنسخ إذن في عالم المبادئ هو انتهاء أمد الحكم ـ المعلوم من حين تشريعه ـ بانتهاء المصلحة عن الفعل الواقع متعلقا للحكم ، وليكن هذا المعنى للنسخ معنى مجازيا ، واستعمال القرآن الكريم والسنّة الشريفة للنسخ بهذا المعنى ليس فيه محذور ، إذ أنّه استعمال مجازي قرينته البرهان العقلي.
المقام الثاني : في إمكان النسخ في مرحلة الجعل والاعتبار :
بعد أن اتّضح عدم إمكان النسخ الحقيقي على الله جلّ وعلا في عالم المبادئ والملاكات وإنّما الممكن في حقّه تعالى هو النسخ بالمعنى المجازي والذي لا يتنافى مع علمه وإحاطته بكلّ شيء.
بعد أن اتّضح ذلك نصل للبحث عن إمكان تصوير النسخ في مرحلة الجعل والاعتبار والتي هي مرحلة إبراز الحكم وجعله.
ومرادنا من الحكم الأعم من الحكم التكليفي والحكم الوضعي فنقول :
إنّ النسخ بالمعنى الحقيقي في مرحلة الجعل والاعتبار يعني أنّ الحكم المجعول