الملازمة بين الحسن والقبح والأمر والنهي
ويقع البحث في المقام عن ثبوت الملازمة بين ما يحكم به العقل من ثبوت الحسن لفعل أو القبح لآخر وبين الوجوب للأوّل والحرمة للثاني ، فهل أنّ إدراك العقل لحسن فعل يلازم حكم الشارع بوجوبه وأنّ إدراكه لقبح فعل يلازم حكم الشارع بحرمته؟ أو أنّه لا ملازمة بين ما يدركه العقل وبين الحكم الشرعي؟
وقبل البحث عن ثبوت الملازمة وعدم ثبوتها لا بدّ من بيان المراد من معنى الحسن والقبح العقليّين ، فنقول :
إنّ الحسن والقبح من المدركات العقليّة الواقعيّة ، فإدراك العقل لهما كإدراكه لاستحالة اجتماع النقيضين واستحالة وجود المعلول عن غير علّة ، فالحسن والقبح إذن من الصفات الواقعيّة وثبوت الحسن والقبح لمتعلّقاتهما ذاتي ، فالفعل الحسن هو الذي يقتضي بذاته الحسن أي أنّ الحسن ناشئ عن مقام ذاته وكذلك الفعل القبيح ، فكما أنّ اتّصاف كلّ فعل باستحالة اجتماعه مع نقيضه ذاتي فكذلك اتّصاف الفعل بالحسن أو القبح ، فإن اتّصاف الفعل بالحسن أو القبح ليس ناشئا عن المصالح أو المفاسد أو عن ملائمة الفعل للطبع أو عدم ملائمته ، فإنّنا بالوجدان نجد انّ بعض الافعال متّصفة بالحسن ولا يكون اتّصافها بالحسن عن مصلحة فيها ونجد أنّ بعض