العقل وإنّما قطع به بواسطة الشرع فإنّ قيد الفعليّة للحكم الشرعي يكون متحقّقا ، ومتى ما تحقّق القطع بواسطة العقل فإنّ فعليّة الحكم تكون منتفية لانتفاء قيدها.
وبهذا يثبت إمكان تحويل القطع الطريقي بالحكم الشرعي بواسطة العقل إلى قطع موضوعي بواسطة اعتبار عدمه قيدا في فعليّة الوجوب.
إلاّ أنّ هذا المقدار لا يثبت الدعوى بالتفصيل ؛ إذ أنّ الإمكان ثبوتا لا يستلزم التقييد إثباتا ، أي أنّ هذه الدعوى وهي تقييد الأحكام الشرعيّة بعدم القطع العقلي بالحكم الشرعي تحتاج إلى دليل إثباتي وهو مفقود.
حجيّة الدليل العقلي الظنّي :
والمراد من الدليل العقلي الظنّي هو كلّ قضيّة يمكن أن تكون عقليّة ـ لو تمّت ـ إلاّ أنّه لم يقم البرهان على ثبوتها أي لم يثبت صحّة إدراك العقل لها ، فيكون كشفها عن متعلّقها ليس قطعيّا ، وبهذا لا تكون مثل هذه القضايا من المدركات العقليّة ، إذ أنّ المدركات العقليّة لا تكون إلاّ قطعيّة ، فهي عقليّة استعدادا أو قل توهما.
وذلك مثل قياس السبر والتقسيم الذي يقوم على أساس استنباط العلّة بواسطة الحدس.
والجزم بالنتيجة من مثل هذا القياس يكون من قطع القطاع.
وكذلك الاستقراء الناقص الذي تبتني نتيجته على أساس تتبّع بعض القضايا الجزئيّة المعلومة الحكم ، فإنّ نشوء القطع بالحكم الشرعي عن هذا الطريق يكون من القطع الناشئ عن مقدّمات شخصيّة ؛ إذ أنّ نوع العقلاء لا يكون مثل الاستقراء الناقص مورثا لهم القطع.