منها حرمة الكذب شرعا ـ باعتبار حكم العقل بقبحه ـ دون الحاجة إلى توسّط مقدّمة شرعيّة.
وأمّا غير المستقلاّت العقليّة : فهي قضايا عقليّة صالحة لأن يستنبط منها حكم شرعي ، ولكن بواسطة انضمام مقدّمة شرعيّة إليها ، فالتعبير عن مثل هذه القضايا بغير المستقلاّت ناشيء عن أنّ هذه القضايا لا يمكن الاستفادة منها في الكشف عن الحكم الشرعي دون الاستعانة بمقدّمة شرعيّة ، وهذا لا يعني أنّ نفس إدراك العقل لمثل هذه القضايا متوقّف على مقدّمة شرعيّة ، إذ أنّه لا فرق بين المستقلات وغير المستقلاّت من جهة أنّها من مدركات العقل ، وإنّما الفرق بينهما هو مقام الدليليّة على الحكم الشرعي ، وأنّه متى تتأهّل القضيّة العقليّة للكشف عن الحكم الشرعي؟
فإن كانت محتاجة في مقام الكشف عن الحكم الشرعي إلى مقدّمة شرعيّة ، فهذه القضيّة من غير المستقلاّت العقليّة ، وإلاّ فهي من المستقلاّت العقليّة.
ويمكن التمثيل لغير المستقلاّت العقليّة بما يدركه العقل ، من أنّ وجوب شيء يقتضي حرمة ضدّه ، فإنّ هذه القضيّة لا يمكن الاستفادة منها لإثبات حرمة الصلاة مثلا إلاّ إذا ثبت شرعا وجوب الإزالة.
وكذلك يمكن التمثيل بما يدركه من أنّ النهي في العبادات يقتضي الفساد ، فإنّه لا يمكن استنباط حكم شرعي وهو بطلان صوم يوم العيد مثلا إلاّ بتوسّط مقدّمة شرعيّة ، وهي النهي عن صوم يوم العيد.
التقسيم الثاني :
وهو انقسام القضايا العقليّة إلى قضايا تحليليّة وأخرى تركيبيّة :
المراد من القضايا التحليليّة : هي القضايا التي يبحث عن واقعها ،