في حال عدم إيصال البيان للمكلّفين ، وهو معنى البراءة الشرعية.
فقد استدلّ بمجموعة من الروايات :
منها : ما روي عن الإمام الصادق عليهالسلام « كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي » (١) ، والذي يرتكز عليه الاستدلال بالرواية الشريفة هو استظهار معنى السعة وإطلاق العنان من قوله « كلّ شيء مطلق » ، واستظهار معنى الوصول من قوله « حتى يرد » ، فلو كان المراد ـ من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي » هو أنّ كلّ تكليف فهو غير ملزم ما لم يصل بيان من الشارع ينهى عن تركه أو ينهى عن فعله ـ لكان الاستدلال بالرواية الشريفة على البراءة الشرعيّة تامّ.
ويمكن دعوى أن هذا الاستظهار هو المتعيّن من الرواية الشريفة ؛ وذلك لأنّه لا ريب أنّ معنى الإطلاق يقابل التقييد والتضييق ، فدابّة مطلقة أي أنّ لها حرية الحركة ولا يعوقها عن الحركة عائق وذلك في مقابل الدابة المقيّدة حيث لا يكون لها حريّة التحرّك ، إذ أنّ القيد يمنعها عن الحركة الاختيارية ، فكذلك المكلّف مطلق العنان فإنّ له أن يفعل وله أن لا يفعل ، وهذا يعني أنّه في سعة من جهة القيام بالفعل أو عدم القيام بالفعل.
وكذلك معنى الورود فإنّ المتفاهم عرفا من معنى الورود هو الوصول ، فحينما يقال وردت الإبل الماء أي وصلت للماء ، وبهذا تكون
__________________
(١) الوسائل باب ١٢ من أبواب صفات القاضي ح ٦٧ ، وهي مرسلة الصدوق وقد عبّر عنها « بقال الصادق » ممّا يشعر بجزمه باعتبار الرواية.