فالأول : كقوله تعالى ( اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ) (١) فالفعل « يتوفّى » قد أسند إلى فاعله الحقيقي وهو الله جلّ وعلا ، إذ هو سبحانه الذي صدر عنه التوفي حقيقة.
والثاني : كقوله تعالى ( وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ) (٢) فالفعل المبني للمفعول قد أسند إلى من وقع عليه الفعل حقيقة وهو القرآن ؛ إذ أنّ انتساب المقروئيّة إلى القرآن حقيقي.
وأمّا الإسناد المجازي : فهو ما يكون فيه المسند منتسبا إلى المسند إليه بواسطة مصحّحة للإسناد وإلاّ فهو بنفسه لا يصلح لأن ينتسب إلى المسند إليه بهذا النحو من الانتساب.
ومثاله قول أبي الطيّب المتنبّي :
ربما تحسن الصنيع لياليه |
|
ولكن تكدّر الإحسانا |
فهنا أسند الشاعر الفعل « تحسن » إلى الليالي « المسند إليه » ، والمصحّح لهذا الإسناد هو علاقة الظرفيّة ، أي باعتبار أنّ الليالي وقعت ظرفا لإحسان المحسن الحقيقي صحّح ذلك إسناد الفعل إليها.
وبهذا يتّضح أنّ الإسناد الحقيقي مباين للإسناد المجازي ، وإذا كان كذلك فلابدّ أن يكون إسناد الرفع إلى ما لا يعلمون إمّا إسناد حقيقي أو إسناد مجازي ، ودعوى أنّ الرفع مسند إلى الحكم وإلى الموضوع يقتضي أن يكون الإسناد حقيقيا ومجازيا ، فهو حقيقي بالنسبة إلى الحكم ومجازي
__________________
(١) سورة الزمر آية ٤٢.
(٢) سورة الاعراف آية ٢٠٤.