وتقريب الاستدلال بالرواية :
هو أنّ جعل غاية الحليّة معرفة الحرمة يكشف عن أنّ موضوع الحليّة هو عدم المعرفة ، وبهذا المقدار تثبت الحليّة في ظرف عدم المعرفة والعلم بالحرمة ، ويبقى الكلام في أنّ هذه الحليّة هل هي حليّة واقعيّة أو هي حليّة ظاهريّة؟ فإن كانت واقعيّة فهي لا تتّصل بمحلّ البحث ؛ إذ أنّ محلّ البحث هو البراءة الشرعيّة والترخيص الظاهري.
والذي يظهر من قوله عليهالسلام « فيه حلال وحرام » أن المجعول في قوله عليهالسلام « فهو لك حلال » هو الحليّة الظاهريّة ؛ وذلك لوضوح أنّ الحلال والحرام في صدر الرواية هما الحلال والحرام الواقعيّين ، إذ هو مقتضى ترتيب الحليّة على الجهل بهما.
وببيان آخر :
إنّ الحرام الذي ينتهي به أمد الحليّة هو الحرام الواقعي وهو عينه الحرام في صدر الرواية ، وإذا كانت الحليّة مغيّاة بمعرفة الحرام الواقعي فهذا تعبير آخر عن أنّ موضوع الحليّة المجعولة هو عدم معرفة الحرام ، والحكم الذي يكون موضوعه عدم المعرفة حكم ظاهري كما هو واضح.
وبهذا تكون الرواية صالحة للاستدلال بها على البراءة الشرعيّة.
إلاّ أنّ الإشكال ينشأ عن دعوى ظهورها في الاختصاص بالشبهات الموضوعيّة ، فقد ذكر ذلك جمع من الأعلام وأبرزوا لذلك قرينتين :
القرينة الأولى :
وهي أنّ المناسب لتقسيم الشيء الواحد إلى الحلال والحرام هو أنّ ذلك الشيء من الطبايع التي لها أفراد مختلفة الحكم ، وهذا الذي يسبّب