عنوان الشبهة على ذلك باعتبار أنّها تتصوّر بصورة الحق وتأخذ بعض سماته الصوريّة فيوجب ذلك المشابهة والمماثلة في نظر أصحاب العقول الضعيفة والتي لم تقف على كنه الحقّ ، فتحسب الباطل حقا لتلبّسه بصورة الحقّ ؛ وما ذلك إلاّ لأنّ أهل الضلال أضفوا على باطلهم حجابا ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب.
والذي يؤيد ما ذكرناه من معنى الشبهة هو ما روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال لابنه الإمام الحسن عليهالسلام « وإنّما سمّيت الشبهة شبهة لأنّها تشبه الحق ، فأمّا أولياء الله فضياؤهم فيها اليقين ودليلهم سمت الهدى ، وأمّا أعداء الله فدعاؤهم فيها الضلال ودليلهم العمى » (١).
ومن هنا يكون ظاهر الرواية هو التصدّي للردع عن الوقوع في شبهات أهل الضلال وأنّ الوقوع في الشبهات يوجب الهلكة والتي تعني السخط الإلهي ، فتكون الرواية ـ بناء على هذا الاستظهار ـ أجنبيّة عن محلّ البحث.
وأمّا مع عدم قبول هذا الاستظهار فاستظهار المعنى الأول غير ممكن ؛ وذلك لأنّ الشبهة وإن كانت تطلق على الشك باعتبار أنّ الشك يؤول إلى التحيّر ، والشبهة كثيرا ما توجب التحيّر ، فالشبهة إذن توجب في أحيان كثيرة الشك إلاّ أنّه مع ذلك لا معيّن لإرادة الشك من الشبهة في الرواية الشريفة وهذا ما يقتضي الإجمال في الرواية ، وبه يسقط الاستدلال بها على لزوم الاحتياط في موارد الشك في التكليف الواقعي.
وقد أجاب جمع من الأعلام على الاستدلال بهذه الرواية بجواب
__________________
(١) الوسائل باب ١٢ من أبواب صفات القاضي ح ٢٤.