آخر ، وحاصله :
أنّ ظاهر الرواية هو وجود تكاليف منجّزة في مرحلة سابقة عن هذا التحذير ، وذلك بقرينة التعبير بالوقوع في الهلكة ، والذي يستبطن وجود محاذير متقرّرة يكون تجاوزها موجبا للوقوع في الهلكة ، فهي نظير ما لو أمر المولى عبده بإنجاز بعض الأعمال على نحو اللزوم ثمّ في خطاب آخر حذّره من مخالفة أمره ، فهنا التحذير إنّما هو عن تكليف متنجّز بمنجّز آخر سابق على هذا التحذير.
وإذا كان هذا هو ظاهر الرواية فهي غير صالحة للاستدلال بها على وجوب الاحتياط الذي نبحث عنه ؛ وذلك لأنّ الاحتياط المبحوث عنه هو الاحتياط الرافع بنفسه لموضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، إذ أنّ مفاد هذه القاعدة هو أنّ العقل يدرك أو يحكم بكون المكلّف في سعة من جهة التكاليف المشكوكة ما لم يقم دليل شرعي على تنجيز التكاليف المشكوكة ، فلو دلّت أدلة الاحتياط على تنجّز التكاليف غير المعلومة فلابدّ حينئذ من رفع اليد عن هذه القاعدة العقليّة ، وبناء على ذلك تكون أدلّة الاحتياط بنفسها موجبة لتنجيز التكليف غير المعلوم لا أنّ التكليف غير المعلوم يكون منجّزا بمنجّز آخر سابق على الاحتياط الشرعي.
وما هو ظاهر الرواية ـ كما ذكرنا ـ هو أنّ التكليف المشكوك منجّز في مرحلة سابقة على الاحتياط فلا تكون الرواية من أدلّة الاحتياط الشرعي والذي ينجّز التكاليف المجهولة بنفسه ويقتضي بنفسه انتفاء موضوع القاعدة العقليّة ، وبهذا يتّضح أنّ التحذير في الرواية إنّما هو عن مخالفة التكاليف المتنجّزة بمنجّزات سابقة كالعلم الإجمالي مثلا.
وبما ذكرناه يتّضح أنّ هذا الجواب مبني على الإيمان بقاعدة قبح