قاعدة استحالة التكليف بغير المقدور
لا إشكال في إدراك العقل لاستحالة التكليف بغير المقدور ؛ لأنّه إذا كان الغرض من التكليف هو جعل العهدة والمسئوليّة على المكلّف بحيث يكون متعلّق الإرادة روحا هو مؤاخذة المكلّف العاجز ومعاقبته وليس له غرض البعث والتحريك نحو امتثال التكليف ؛ وذلك لعلمه بعدم إمكان أن يتحرّك المكلّف عن التكليف بعد افتراض عدم قدرته على ذلك ، فهذا من أجلى صور الظلم ، والذي لا ريب في إدراك العقل لقبحه ، ولمّا كان المولى جلّ وعلا منزّه عن الظلم فهذا يستوجب استحالة أن يصدر عنه ما يلزم منه الظلم.
وأما إذا كان الغرض من التكليف هو بعث المكلّف نحو امتثال التكليف غير المقدور ، فهذا يقتضي إمّا أن لا يكون المولى ملتفتا إلى عدم إمكان أن يتحرّك المكلّف نحو امتثال التكليف ، وإمّا أن يكون ملتفتا ، وكلاهما مستحيل على المولى جلّ وعلا ، أمّا الأول فواضح ، وأمّا الثاني فلامتناع أن يكون العاقل ملتفتا إلى عدم قدرة المكلّف على التحرّك والانبعاث ، ومع ذلك يكون جادّا في بعثه وتحريكه ، فافتراض الالتفات من العاقل حين بعثه نحو غير المقدور لا يخلو عن أحد حالتين :
إما أن يكون العاقل الملتفت عابثا ، وإمّا أن يكون جادّا ، والأول