للمسؤولية تجاه التكليف في خصوص حالات عدم العلم الذي لم ينشأ عن عدم التعلّم.
ومبرّر هذا التقييد هو أنّ أدلّة البراءة تنفي المسؤوليّة عن المكلّف في حالات عدم العلم مطلقا أي سواء كان عدم العلم ناشئا عن عدم القدرة على تحصيل العلم أو ناشئا عن التقصير في تحصيل العلم.
ورواية مسعدة بن زياد التي ذكرناها تثبت المسؤولية في حالات عدم العلم الناشئ عن التقصير في تحصيل العلم ، فالعلاقة إذن بين أدلّة البراءة ورواية مسعدة هي علاقة الإطلاق والتقييد.
ومن هنا يمكن الجمع العرفي بينهما وهو أن نقيّد إطلاق أدلّة البراءة بمثل رواية مسعدة ، وبذلك تكون أدلّة البراءة خاصة بموارد عدم العلم بعد الفحص لا عدم العلم مطلقا.
الجهة الثانية : التمييز بين الشك في التكليف والشك في المكلّف به :
ذكرنا فيما سبق أنّ مجرى البراءة هو الشك في التكليف بمعنى أنّ المكلّف إذا كان يشك في فعليّة تكليف ـ سواء كان منشأ الشك هو عدم العلم بأصل الجعل أو كان المنشأ هو عدم العلم بمصداقيّة الموضوع الخارجي للتكليف المعلوم ـ فإنّه في سعة من جهة ذلك التكليف ، أي أنّ البراءة الشرعيّة والعقليّة تجريان في هذا المورد ـ بناء على مسلك قبح العقاب بلا بيان ـ وأمّا بناء على مسلك حق الطاعة فما يجري في مثل هذا المورد هو البراءة الشرعيّة ـ كما ذكرنا ذلك مفصلا.