مستحيل على المولى جلّ وعلا ، لتنزّهه عن اللغو والعبث ، والثاني أيضا مستحيل ، إذ أنّ افتراض الجدّ مع الالتفات إلى عدم إمكان أن يتحرّك العبد عن تحريكه وبعثه غير متصوّر أصلا.
وكيف كان فالاستحالة إنّما تثبت في خصوص الموارد التي يلزم منها أحد اللوازم الباطلة ، وهذا ما يستوجب تحرير القاعدة وبيان حدود جريانها فنقول :
إنّ المراد من هذه القاعدة لا يخلو عن أحد معنيين :
المعنى الأوّل : هو أنّ استحالة التكليف بغير المقدور تعني استحالة أن يؤاخذ المولى ويعاقب المكلّف على ترك تكليف خارج عن حدود القدرة ، كمؤاخذة المكلّف على ترك الصلاة في وقتها رغم أنّه كان مغمى عليه في تمام الوقت ، وهذا المقدار من الاستحالة مسلّم ، إذ أنّ المؤاخذة على ترك التكليف غير المقدور من أجلى صور الظلم والذي هو قبيح عقلا ، والمولى منزّه عن ارتكاب القبيح.
ومن هنا يتّضح خروج التكليف بغير المقدور عن حدود حقّ الطاعة للمولى ، لاستلزام ذلك للظلم المستحيل على المولى جلّ وعلا.
المعنى الثاني : أنّ الاستحالة ثابتة لأصل التكليف بغير المقدور حتى مع عدم ترتّب المؤاخذة على ترك المكلّف لمتعلّق التكليف ، فلو كان متعلّق التكليف خارجا عن قدرة المكلّف فإنّ ذلك وحده يستوجب استحالة أن يجعل المولى متعلّق التكليف على عهدة المكلّف حتى مع افتراض عدم المؤاخذة على الترك ، وهذا يعني توسيع دائرة الاستحالة لتشمل أصل التشريع للتكاليف غير المقدورة.