يقينا.
إلاّ أنّ المصنّف رحمهالله خالف المشهور في هذا المورد وذهب إلى جريان البراءة ؛ وذلك لأنّ الشك في وجود المسقط يساوق الشك في بقاء الوجوب وهو معنى آخر عن الشك في فعليّة الوجوب ، وهذا هو موضوع البراءة إلاّ أنّ موضوع الاستصحاب متحقّق في المقام أيضا ؛ وذلك للعلم بحدوث التكليف والشك في بقائه ، ومن هنا فالجاري في المقام هو أصالة الاستصحاب ؛ وذلك لتقدمه على البراءة كما سيأتي ذلك في محلّه إن شاء الله تعالى.
الجهة الثالثة : البراءة عن الاستحباب :
ويقع البحث في المقام عن حدود مجرى أصالة البراءة ، وهل أنّها تسع موارد الشك في التكاليف غير الإلزاميّة ـ وهي الاستحباب والكراهة ـ أو أنّها مختصة بموارد الشك في التكاليف الإلزاميّة؟
ويعرف الجواب عن ذلك بمراجعة أدلّة البراءة ، وقد صنّف المصنّف رحمهالله الأدلّة إلى طائفتين :
الطائفة الأولى : وهي الآيات والروايات التي تقتضي السعة ونفي الضيق من جهة التكاليف المشكوكة وتقتضي كذلك التأمين من استتباع ترك التكاليف المشكوكة للعقاب والإدانة ، وذلك مثل قوله عليهالسلام « الناس في سعة ما لا يعلمون » (١) وقوله تعالى ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ ما آتاها ) (٢)
__________________
(١) هكذا تعارف نقل الرواية في كتب الأصول ، والظاهر عدم وجود هذا اللسان في كتب.