ثالثا : سقوط المنجّزيّة بسبب اختلال الركن الثالث :
والذي هو جريان الأصل المؤمّن في تمام الأطراف لولا المعارضة ، وقد ذكر المصنّف لذلك حالتين :
الحالة الأولى : وهي ما لو كان أحد طرفي العلم الإجمالي منجّزا بمنجّز غير العلم الإجمالي كما لو كان أحد الطرفين مجرى لأصالة الاستصحاب المثبت للتكليف لا الاستصحاب النافي للتكليف فإنّه خارج عن محل الكلام.
مثلا : لو علمنا بتعلّق حرمة إما بهذا اللحم أو بهذا الشراب إلا أنّ اللحم لمّا كان مجرى لاستصحاب عدم التذكية ـ إذ أننا نعلم سابقا أنّه لم يكن مذكى ونشك فعلا في تذكيته ـ فإنّه لا تجري البراءة في مورده لافتراض تنجّزه بالاستصحاب فنجري البراءة عن الطرف الآخر بدون معارض ، وهذا يعني سقوط المنجزية عن العلم الإجمالي ؛ إذ أنّ الأول لم يتنجّز بالعلم الإجمالي وإنّما تنجّز بالاستصحاب والثاني مؤمّن عنه لعدم وجود ما يمنع عن جريان الأصل المؤمّن في مورده.
والمتحصل أنّ منشأ سقوط هذا العلم عن المنجّزية هو عدم جريان الأصل المؤمّن في تمام الأطراف وإلا لو كانت جميعها مجرى لأصالة البراءة مثلا لأوجب ذلك التعارض وعندئذ تسقط الأصول جميعا عن التأمين.
وهذا النحو من الانحلال يعبّر عنه بالانحلال الحكمي ؛ إذ أنّ العلم الإجمالي لا ينحلّ حقيقة ؛ وذلك لأنّنا بالوجدان نجد أنّ العلم باق على حاله ، نعم هو منحلّ حكما لأنّه لا يترتب على هذا العلم أي أثر عملي ،