والجواب عن هذا التقريب :
أن تصوير العلم الإجمالي بهذه الكيفيّة غير تام ؛ وذلك لأنّ التردّد بين الإطلاق والتقييد وإن كان من قبيل التردّد بين المتباينين إلاّ أنّ هذا ليس له اتصال بالمكلّف ، والذي له اتّصال بالمكلّف هو التردّد الموجب للتنجيز.
ومن الواضح أنّ الإطلاق والتقييد ليس أكثر من الكيفيّة التي لاحظها المولى حين جعل الوجوب على الأقل والأكثر ، فلو كان واقعا لاحظ الإطلاق حين جعل الوجوب على الأقلّ فهذا لا يعني أنّ الواجب هو الأقل مع الإطلاق بل يعني أنّ الواجب هو الأقل وليس معه شيء آخر يكون متعلقا لنفس الوجوب ، ولو كان واقعا قد لاحظ التقييد حين إيجاب الأقل فهذا لا يعني وجوب الأقل مع القيد بل إنّ الواجب حينئذ هو الأقل بإضافة الجزء.
ومن هنا يتّضح أنّ الإطلاق والتقييد إنّما هو كيفيّة اللحاظ الذي لاحظه المولى حين جعل الوجوب على متعلقه ، وهذا لا يتصل بالمكلّف وما يتصل بالمكلّف إنّما هو نفس الإيجاب المجعول من المولى ، إذ هو المحرّك للمكلّف نحو الإتيان بالمتعلّق والتردد عند المكلّف حينما يريد التعرّف على مقدار متعلّق الإيجاب هو تردد بين الأقلّ والأكثر ؛ إذ أنّ الوجوب لو كان ملحوظا فيه الإطلاق فالواجب هو الأقلّ ولو كان ملحوظا فيه التقييد لكان الواجب هو الأقلّ مع إضافة الجزء ، وهذا يعني أنّ التردّد عند المكلّف إنّما هو بين الأقل والأكثر فلا علم إجمالي في المقام وإنّما هو علم بوجوب الأقل إمّا باستقلاله أو في ضمن الأكثر.
ومن هنا يكون الشك في الأكثر شكا بدويا فتجري عنه البراءة.