يحرز بأنّه كان ذاهلا أثناء أدائه للعمل بل يحتمل الالتفات وأنّه قد جاء بالفعل تاما ومتوفّرا على تمام أجزائه وشرائطه فهنا تجري قاعدة الفراغ لأصالة الأذكرية والذي هو أصل عقلائي قاض بأنّ الممارس للفعل يكون ملتفتا إلى أنّه يأتي به مراعيا ضوابطه الموجبة لتحققه تاما كاملا ، وهذا ما يشير إليه الإمام عليهالسلام « هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك » (١).
أمّا لو كان محرزا للغفلة فإن قاعدة الفراغ لا تجري لأنّها مرتكزة على أصالة الأذكرية وهي محرزة العدم في مفروض الكلام ، وإذا تمّ ذلك فإنّ المقام من هذا القبيل إذ أنّ المكلّف محرز لغفلته في الطواف.
وبهذا يتضح عدم تمامية الثمرة المذكورة وأنّه سواء قلنا بأن موضوع الاستصحاب هو الشك الفعلي أو الأعم منه ومن التقديري فإنّ الطواف يكون فاسدا ، نعم بناء على أنّ قاعدة الفراغ غير منوطة بعدم إحراز الغفلة ـ كما لعلّه المشهور ـ فإنّ الثمرة تكون تامة ؛ وذلك لصحة التمسّك بقاعدة الفراغ حتى في موارد غفلة المكلّف عن الشك أثناء الطواف.
الركن الثالث : وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة :
والمراد من هذا الركن أنّ الاستصحاب لا يجري إلاّ في حالة يكون فيها موضوع اليقين وموضوع الشك واحدا ، أي أنّ الذي وقع موردا لليقين هو الذي وقع موردا للشك.
فالوضوء المتيقن الوقوع هو عينه الوضوء المشكوك في بقائه أمّا لو
__________________
(١) معتبرة بكير بن أعين ، الوسائل باب ٤٢ من أبواب الوضوء ح ٧.