الجهة الثانية : في بيان دليل ركنية هذا الركن :
وقد ذكرنا دليل الصياغة الأولى في سياق تقريرها وأما دليل الصياغة الثانية فقد ذكر المصنّف رحمهالله لها دليلين :
الدليل الأول : هو أنّ جعل الاستصحاب في مورد لا يكون فيها الاستصحاب منجّزا أو معذّرا يكون أشبه شيء بالعبث ولا يتفق صدوره من العقلاء بما هم عقلاء فضلا عن الشارع المقدس.
وبتعبير آخر : إنّ الاستصحاب لمّا كان اعتبارا شرعيا وحكما تعبديّا فلابدّ أن يكون المتعبّد به مما له أثر في مقام التعبّد ، فاستصحاب حياة آدم عليهالسلام إلى حين موت حواء ليس له أثر عملي حتى يصلح أن يكون موردا للتعبد الشرعي ، وهذا ما أوجب تقييد مجرى الاستصحاب بما إذا كان منتجا للتنجيز أو التعذير.
الدليل الثاني : إن ركنية هذا الركن بحدوده المذكورة هي مقتضى ظهور أدلة الاستصحاب ، فإنّ ظاهر قوله عليهالسلام « لا تنقض اليقين بالشك » ليس نهيا عن نقض اليقين حقيقة لأن ذلك خارج عن القدرة ، إذ أنّ الشك متى ما تحقق انتفى معه اليقين لامتناع استقرار اليقين في النفس مع عروض الشك على نفس متعلّق اليقين ، وهذا ما يستوجب انصراف ظهور النهي عن نقض اليقين بالشك عن النقض الحقيقي فيتعيّن أن يكون المراد من النهي عن نقض اليقين بالشك هو النهي عن رفع اليد عن آثار اليقين ، أي أنّ المكلّف في حالات عروض الشك بعد اليقين لا يعتني بذلك الشك عملا ويبقى مرتبا لآثار اليقين وكأنّ اليقين لا زال ثابتا في النفس ، ومن الواضح أنّ اليقين لو كتب له البقاء والاستقرار لكان موجبا للتنجيز والتعذير ، فإذن