الشك في بقائها فإنّ الاستصحاب لا يجري في موردها ، بل إنّ الاستصحاب الذي لا يجري في موردها هو ما كان منشؤه الشك في اقتضاء المتيقن للبقاء إلى هذه المرحلة الزمنية ، فلا تغفل.
ويمكن التمثيل لهذه الحالة من حالات المتيقن بما لو وقع الشك في بقاء نهار شهر رمضان ، وكان منشؤه الشك في اقتضاء النهار للبقاء إلى هذه المرحلة الزمنية ، إذ أنّ طبيعة النهار لا تقتضي الاستمرار إلى الأبد ما لم يطرأ الرافع بل إنّ لها أمدا تنتهي بانتهائه ، وفي مثل هذه الحالة لا يجري الاستصحاب بناء على مبنى التفصيل.
وبعد اتضاح مبنى التفصيل بين الشك في المقتضي والشك في الرافع يقع الكلام عمّا هو الدليل على هذا التفصيل ، وما هو المبرّر لرفع اليد عمّا يتراءى من إطلاق لدليل الاستصحاب ، وقد ذكروا أنّ المبرّر لذلك هو التعبير بالنقض في لسان الدليل فهو الموجب لدعوى التفصيل ، وذلك يتضح بتقريبين :
التقريب الأول :
إنّ أدلة الاستصحاب قد نهت عن نقض اليقين بالشك ، والمتفاهم العرفي من معنى النقض هو حلّ ما هو مستوثق ومتماسك ، وهذا هو ما تقتضيه الاستعمالات العرفيّة لكلمة النقض قال الله تعالى : ( وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً ) (١) فالغزل هنا بمعنى المغزول أي ما غزلته ، والمغزول هيئة محكمة ومترابطة ، وقد أكدت الآية الشريفة حالة
__________________
(١) سورة النحل آية ٩٢.