إنّ الحالة البرزخيّة في مورد استصحاب الحكم المعلّق ليس لها معنى محصل ، فالأحكام الشرعية أما هي بمرتبة الجعل أو بمرتبة المجعول والفعلية ، فالشك إمّا أن يقع في بقاء أصل الجعل وإمّا في بقاء فعلية الحكم المعبّر عنه بالمجعول ، وإذا كان كذلك فأركان الاستصحاب ليست تامة في مورد الشك في الحكم المعلّق ؛ وذلك لأنّ الحكم بمرتبة الجعل محرز البقاء فالركن الثاني للاستصحاب وهو الشك في البقاء منتف في هذه الصورة ، وأما الحكم بمرتبة المجعول والفعليّة فليس له حالة سابقة معلومة وبهذا يكون الركن الأول للاستصحاب وهو اليقين بالحدوث منتفيا ، نعم هناك علم بالقضية الشرطية أو قل الحكم المعلّق وشك في بقائه إلاّ أن ذلك لا يبرّر جريان الاستصحاب ، إذ ليس عندنا في الشريعة قسم ثالث للأحكام الشرعية ، فيتعين أن يكون الشك في مثل هذه الحالة شكا في فعلية الحكم ، ولمّا لم يكن للفعليّة حالة سابقة فلا يجري حينئذ الاستصحاب.
استصحاب التدريجيّات :
ومورد البحث في المقام هو الوجودات التي ليس لها قرار والتي يكون الوجود الآخر المسانخ لها منوطا بتصرمها وانعدامها ، ويمكن أن نعبّر عن هذا النحو من الوجودات بالوجودات السيّالة والتي طبعها عدم القرار وهي المعبّر عنها بالزمانيات عند الحكماء.
ومثالها ما لو وقفت على نقطة من نهر جار فإنّه يبدو بالنظرة السطحية أنّ الماء الذي وقع نظرك عليه لحظة وقوفك عند تلك النقطة هو عين الماء الذي تراه بعد فترة من الزمن عند تلك النقطة والحال أنّ الواقع