موضوعه ، وهذا يقتضي أن لا يكون هناك حكم نشأ عن القضيّة الحقيقيّة ، وهذا ينافي كون المولى ـ حين أنشأ القضيّة الحقيقيّة ـ أعمل مولويته وجعل الحكم على المكلّف.
والجواب عن هذا الإشكال :
هو أنّ الذي نشأ بواسطة القضية الحقيقيّة هو الجعل والذي ينشأ بواسطة تحقّق الموضوع خارجا هو المجعول. وبيان ذلك :
أنّ المولى حينما رتّب حكما على موضوع مقدّر يكون قد أوجد حكما بالفعل ، وذلك في مقابل من تصوّر موضوعا مع مجموعة من الحيثيّات إلاّ أنّه تردّد في إثبات حكم لهذا الموضوع مع حيثيّاته ، فلو قدّر لهذا الموضوع بحيثيّاته الوجود في هذه الحالة لا وجود للحكم أصلا ، أمّا في فرض الكلام وهو جعل حكم على نهج القضيّة الحقيقيّة فالحكم موجود ؛ ولذلك يمكن أن يقال إنّ المولى قد حكم بهذا الحكم على ذلك الموضوع.
إذ أنّ الحكم الناشئ عن القضيّة الحقيقيّة هو المعبّر عنه بالجعل والحكم فيه يكون موضوعه مقدر الوجود ، فقوام الحكم الذي هو الجعل هو تصوّر الموضوع مع تصوّر ما له دخل في ترتب الحكم ، فالصورة الذهنيّة للموضوع هي قوام الجعل.
وأمّا ما ينشأ بواسطة تحقّق الموضوع خارجا فهو فعليّة الحكم ، أي أنّ المكلّف يكون مسؤولا عن امتثال الحكم حين تحقق الموضوع خارجا ، فتحقق الموضوع علّة لفعليّة الحكم. وهذا هو المعبّر عنه بالحكم المجعول.
وبتعبير آخر : إنّ الحكم له مرتبتان : الأولى هي مرتبة الجعل والثانية هي مرتبة المجعول ، فما ينشأ بواسطة القضيّة الحقيقيّة هو الحكم بمرتبة