المثال وقوع الدم على الثوب ومنشأ الشك في بقاء الكلّي هو فرد آخر وهو في مثالنا وقوع البول على الثوب ، ومن هنا قلنا بعدم اتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة.
وبتعبير آخر : إنّ الكلّي الذي أحرزنا وجوده أحرزنا بعد ذلك انتفاءه ، نعم يحتمل أنّه قد تولّد كلي آخر إلا أنّه غير الكلّي الأول ؛ وذلك لأنه بعد أن انتفى الكلّي الأول كيف يكون هو عينه الكلّي المشكوك البقاء.
فالنتيجة أنّ المتيقن لمّا كان غير المشكوك فلا يجري الاستصحاب.
الاستصحاب في حالات التقدم والتأخر :
لا ريب في جريان الاستصحاب في حالة يكون المكلّف عالما بالحدوث ثم بعد ذلك شك في بقاء ذلك الحادث ، فإنّ الاستصحاب في هذا الفرض يقتضي ترتيب آثار بقاء الحادث.
كما لا ريب في جريان الاستصحاب في حالة يقطع فيها المكلّف بعدم الحدوث ثم بعد ذلك يشك في ارتفاع العدم بأن احتمل تحقّق وجود الحادث المعلوم العدم سابقا ، فهنا يجري استصحاب عدم الحادث.
ومثاله استصحاب عدم التذكية ؛ وذلك للعلم بعدم تحقق التذكية حال حياة تلك الشاة ثم لمّا أن ماتت احتملنا أن موتها كان عن تذكية فيجري استصحاب عدم التذكية المعلوم سابقا.
فكلا الصورتين المذكورتين يجري الاستصحاب في مورديهما بوضوح ، إذ ليس فيهما ما يوجب الغموض في كيفية تطبيق أصالة الاستصحاب ، ومن هنا لم يقعا محلا للبحث في المقام.