كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامّة فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه » (١).
وقد طرحت هذه الرواية الشريفة مرجحين رتبت بينهما في مقام الترجيح أي جعلت المرجح الثاني منوطا بفقدان المرجح الأول ، ومن هنا لا يلجأ إلى المرجح الثاني إذا ما كان المرجح الأول موجودا كما لا يلجأ إلى قاعدة التساقط إذا كان المرجح الثاني موجودا.
وهنا لا بدّ من بيان المراد من المرجحين :
أمّا المرجّح الأول :
وهو تقديم الخبر الموافق لكتاب الله عز وجل على الخبر المخالف لكتاب الله تعالى ، وهو يستوجب بيان معنى الموافقة لكتاب الله تعالى ومعنى المخالفة للكتاب.
أمّا المراد من الموافقة : فالذي ينسبق إليه الذهن بدوا من معنى الموافقة هو مطابقة مفاد الخبر لمفاد النص القرآني إلاّ أنّه مع الالتفات إلى أنّ القرآن الكريم لم يتصدّ لبيان تفاصيل الأحكام وغاية ما هو موجود في القرآن الكريم هو مجموعة من العمومات والإطلاقات ، وهذا يقتضي أن تكون موارد الاستفادة من المرجح الأول محدودة جدا لو كان المراد من الموافقة هو مطابقة مفاد الخبر للنص القرآني ، وهذه المحدودية والندرة تبعّد استظهار هذا المعنى ، إذ مع الالتفات إلى أنّ القرآن الكريم لم يتعرّض إلاّ لبيان العمومات وأنّ الأخبار المتعارضة غالبا ما تكون متصدّية لبيان
__________________
(١) الوسائل باب ٩ من أبواب صفات القاضي ح ٢٩.