وأفادت أنّ المراد من عدم العلم هو عدم العلم الأعم من الحقيقي والتعبّدي.
وحنيئذ فقيام الأمارة ينفي موضوع الأصل إذ أنّ موضوع الأصل هو عدم العلم والأمارة علم ، وهذا هو منشأ دعوى قيام الأمارات مقام القطع الموضوعي عند أصحاب هذه المحاولة.
وتطبيق ذلك على المورد هو أنّ الأصل العملي أخذ في موضوعه عدم العلم ، وهذا يعني أنّ العلم جزء في موضوع الأصل فيكون الأصل العملي منوطا بالقطع الموضوعي ، إذ كل حكم أخذ في موضوعه القطع والعلم أو عدم العلم يكون حكما معلّقا على القطع الموضوعي ، وإذا كان كذلك فالحكم وهو البراءة مثلا لا تتحقّق إلاّ مع انتفاء العلم ولا تنتفي إلاّ في حالات العلم والقطع بالحكم ، فحينما يقطع المكلّف بالحكم الشرعي تكون البراءة منتفية في مورده بلا ريب ؛ لأنّه لمّا كان موضوع البراءة عدم العلم فالحكم بالبراءة يكون منتفيا عند العلم.
وعندما لا يكون المكلّف عالما بالحكم ـ حتى وان كان يظن به ـ فإنّ البراءة تجري في حقه وذلك لأنّ القطع قد أخذ عدمه موضوعا في جريان البراءة وهذا متحقّق في حالات الظن بالحكم ، ومن هنا تجري البراءة في موارد الظن بالحكم إلاّ أنّه لما كانت الأمارات علما تعبدا بمقتضى دليل حجيتها فإنها تقوم مقام العلم وحينئذ يكون تحققها موجبا لانتفاء موضوع البراءة.
وحتى يتضح المطلب أكثر ننظّر لهذا المورد بهذا المثال : لو قال المولى المرأة التي لا يعلم بكونها ذات بعل يجوز الزواج منها فالعلم في المثال قطع موضوعي وذلك لأنّ عدمه أخذ في موضوع الجواز ، وعليه يجوز للمكلّف الزواج من كلّ امرأة لا يعلم بكونها ذات بعل ، والذي ينفي الحكم بالجواز