المسؤوليّة قبل الوجوب :
اتّضح ممّا تقدّم أنّه لا مسؤوليّة على المكلّف عن تحصيل مقدّمات الواجب ما لم تتحقّق فعليّة الوجوب ، إلاّ أنّه قد يتفق العلم بعدم التمكّن من تحصيل المقدّمات بعد تحقّق فعليّة وجوب ذيها وكان المكلّف قبل تحقّق الفعليّة للوجوب قادرا على تحصيل تلك المقدّمات ، فهل يلزمه في مثل هذا الفرض أن يأتي بالمقدّمات قبل تحقّق الفعليّة للوجوب أو أنّه لا يلزمه ذلك؟
وبتعبير آخر : إنّ هناك بعض التكاليف يعلم المكلّف بتحقّق فعليّتها فيما يستقبل من الزمان ، وهذه التكاليف لو اتّفقت فعليّتها فإنّ امتثالها يكون متوقفا على مقدّمات شرعيّة ، فلو علم المكلّف أنّ هذه المقدّمات لا يمكن إيجادها عند تحقّق زمان فعليّة الوجوب إلاّ أنّها متيسّرة قبل زمان الفعليّة فهل أن المكلّف في مثل هذا الفرض أيضا لا يكون مسؤولا عن تحصيل المقدّمات أو أنّ العقل في مثل هذا الفرض يحكم بلزوم تحصيل هذه المقدّمات؟ وذلك لأنّ عدم الإتيان بها قبل زمان الفعليّة يقتضي فوات الواجب في حينه ، ومن هنا سمّيت مثل هذه المقدّمات بالمقدمات المفوتة ، ويمكن التمثيل للمقدمات الشرعية المفوتة بالطهارة في فرض عدم القدرة على تحصيلها بعد تحقّق زمان فعليّة الوجوب للصلاة في حين أنّها مقدورة قبل زمان الفعليّة.
ومثال المقدّمات العقليّة المفوتة السفر ، فلو كان البناء على أنّ زمان فعليّة الوجوب للحج يبدأ بهلال شوال ـ أول أشهر الحج ـ وعلمنا بعدم