ومثال ذلك أن يشرب المكلّف ما يوجب انسلاب وعيه في حالة يكون فيها وجوب الصلاة فعليّا كأن يشربه بعد الزوال ويكون مفعوله مستمرا إلى حين زوال الحمرة المشرقيّة. أو أن يؤخر الآفاقي المستطيع سفره إلى مكّة المكرّمة إلى أن يتضيّق وقت أداء فريضة الحج بحيث لا يتمكن تكوينا من أداء فريضة الحج.
المورد الثاني : أن يعجّز المكلّف نفسه عن أداء الواجب ولكن قبل تحقّق فعليّة الوجوب ، كما لو أحدث بالجنابة اختيارا قبل طلوع الفجر وهو يعلم بعدم قدرته على الاغتسال إلى حين طلوع الشمس.
وفي هذا المورد ذهب المصنّف رحمهالله إلى جواز تعجيز النفس وذلك لعدم وجود ما يوجب التحفّظ على القدرة بعد افتراض عدم فعليّة الوجوب ، وأمّا بعد تحقّق زمان الفعليّة للوجوب يكون المكلّف عاجزا عن إيجاد الواجب ومع عجزه يستحيل تكليفه لاستلزامه التكليف بغير المقدور.
وتطبيق ما ذكرناه على المثال أنّ المكلّف حينما أحدث بالجنابة لم يكن هناك تكليف بالصلاة عن طهارة مائية ؛ وذلك لأنه أحدث بالجنابة قبل طلوع الفجر أي قبل مخاطبته بالصلاة ، وبعد أن طلع الفجر لم يكن قادرا على الإتيان بالصلاة عن طهارة مائية ، وهذا ما يستوجب عدم إمكان تكليفه بالصلاة عن طهارة مائية لاستحالة تكليف العاجز ، فالمكلّف وإن كان هو الذي منع عن تحقّق الفعليّة للوجوب إلاّ أنّ ذلك غير ضائر بعد أن كانت الفعليّة منوطة بزمان لم يكن متحقّقا حين التعجيز فلم تصدر من المكلّف معصية ، إذ أنّ المعصية هي مخالفة التكليف ولم يكن تكليف حينما عجّز نفسه.
وبهذا اتّضح جواز تعجيز النفس عن إيجاد الواجب إذا لم تكن الفعليّة