ولمزيد من التوضيح نطبّق ما ذكرناه على المثال السابق : إنّ أخذ العلم بحرمة الخمر في موضوع حرمة الخمر يعني أنّ العلم بحرمة الخمر قيد لحرمة الخمر وإذا كان كذلك فتحقّق فعليّة الحرمة للخمر منوط بتحقّق العلم بحرمة الخمر ؛ إذ أنّ هذا هو مقتضى قيديّة العلم بالحرمة للحكم « الحرمة » ، فثبوت الفعليّة لحرمة الخمر إذن متوقفة على تحقّقق العلم بحرمة الخمر ولمّا كان العلم بالحرمة متوقفا على تقرّر الحرمة وثبوتها في مرحلة سابقة فهذا يقتضي أنّ ثبوت الحرمة متوقف على العلم بالحرمة والعلم بالحرمة متوقف على ثبوت الحرمة ، وهذا يعني توقّف حرمة الخمر على حرمة الخمر.
إذ أنّ الحرمة للخمر متوقفة على العلم بالحرمة لأنها أخذت قيدا للحرمة ولمّا كان العلم بالحرمة منوطا بثبوت الحرمة فهذا يعني توقف العلم بالحرمة على الحرمة المتوقّفة على العلم بها.
وبهذا يثبت أنّ أخذ العلم بالحكم في موضوع نفس ذلك الحكم يلزم منه الدور المحال.
الجواب على دعوى الدور :
ذكر المصنّف رحمهالله جوابين على دعوى الدور :
الجواب الأوّل :
إنّه وإن كنّا نسلّم بتوقف فعلية الحكم على تحقّق قيوده خارجا وبالتالي تكون فعليّة الحكم متوقفة على العلم بالحكم إلاّ أنّه لا نسلّم بتوقف العلم بالحكم على الحكم ؛ وذلك لأنّ العلم بالحكم ليس معلولا للحكم بل إنّه معلول لما يحضر من صورة المعلوم في ذهن العالم به.
وبتعبير آخر : إنّ علّة العلم ليس هو الثابت في نفس الأمر والواقع