اشتراط التكليف بالقدرة بمعنى آخر
كنّا قد ذكرنا في بحث استحالة التكليف بغير المقدور أن كلّ تكليف فهو مشروط بالقدرة على إيجاد متعلّقه. وكان المقصود من القدرة هناك هو تمكّن المكلّف تكوينا من امتثال التكليف لو خلّي ونفسه بقطع النظر عن عجزه بسبب امتثال تكليف آخر.
والقدرة المقصودة في المقام هي عدم العجز عن امتثال التكليف بسبب الاشتغال بامتثال تكليف آخر ، فالمكلّف قد لا يكون عاجزا عن الإتيان بأصل الفعل الواجب إلاّ أنّه بسبب اشتغاله بامتثال تكليف يصبح من المتعذّر عليه امتثال التكليف الآخر.
مثلا لو أمر المولى المكلّف بالكون في عرفات يوم التاسع من ذي الحجّة فإنّ امتثال هذا الأمر يوجب عجز المكلّف عن امتثال التكليف بالكون في كربلاء يوم التاسع من ذي الحجّة فالتكليفان وإن كانا مقدورين للمكلّف بالمعنى الأول إلا أنّ القدرة بالمعنى الثاني غير متحقّقة ؛ وذلك لعجز المكلّف عن الجمع بين الامتثالين.
ومن هنا يكون التكليف مشروطا بشرط آخر غير القدرة بالمعنى الأول ، وهو عدم الاشتغال بتكليف آخر يناظره في الأهميّة أو يزيد في الأهميّة عليه.