ويمكن أن يصطلح على اشتراط القدرة في التكليف بالمعنى الأول القدرة بالمعنى الأخص ، ويصطلح على القدرة بالمعنى الثاني القدرة بالمعنى الأعم ، ومنشأ التعبير عنها بالمعنى الأعم هو أنّ كلّ تكليف مشروط بالقدرة بالمعنى الثاني يكون مشروطا بالقدرة بالمعنى الأول بخلاف اشتراط التكليف بالقدرة بالمعنى الأوّل فقد لا يكون مشروطا بالقدرة بالمعنى الثاني ، فمثلا حينما يكون أحد التكليفين أكثر أهميّة من الآخر فإنّه لا يكون مشروطا بعدم امتثال التكليف الأقل أهميّة ؛ لأن التكليف الأقل أهميّة لا يزاحم الأكثر أهميّة فلا يكون امتثال الأهم مشروطا بعدم امتثال المهم بخلاف العكس ، فإنّ امتثال التكليف الأقل أهميّة مشروط بعدم امتثال التكليف الأهم.
الدليل على اشتراط التكليف بالقدرة بالمعنى الأعم :
وحاصل هذا الدليل : أنّ التكليف إذا كان مطلقا من جهة القدرة بالمعنى الأعم ـ أي أنه لا يشترط في التكليف عدم الاشتغال بتكليف آخر مضاد له ـ فإنّ ذلك يلزم منه أحد لازمين باطلين على سبيل مانعة الخلو :
الأول : هو أنّ المكلّف مسؤول عن امتثال كلا التكليفين المتضادين فهو في الوقت الذي يكون مسؤولا عن الكون في عرفات يوم التاسع من ذي الحجة هو مسؤول أيضا عن الكون في كربلاء يوم التاسع من ذي الحجة ، وهذا هو مقتضى الإطلاق للتكليف من جهة اشتراط القدرة بالمعنى الأعم ، إذ أنّ معنى إطلاق التكليف من هذه الجهة هو أنّ الكون في عرفات في يوم عرفة واجب سواء كان المكلّف غير مشتغل بامتثال التكليف