وهل تنسى الزهراء (ع) أبيها الرسول (ص) وقد وقف يخطب بجمع من المسلمين فجاء الحسن والحسين عليهما قميصان احمران ، وهما يمشيان ويعثران ، فما كان من الرسول الأعظم (ص) إلا أن قطع كلامه ونزل عن المنبر وحملهما ووضعهما بجانبه بكل رفق وحنان ثم التفت إلى الناس معتذراً :
« صدق الله سبحانه حيث يقول : « انما أموالكم وأولادكم فتنة لكم » ، لقد نظرت إلى هذين الصغيرين ، يمشيان ويعثران ، فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما إلي ».
إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة التي تواترت بها الانباء من أصحاب التواريخ وأهل السير. وكلها تحدثنا عن ذلك الحب الكبير الذي يكشف عن جانب من عظمة ذلك النبي المختار.
مرت الأيام هنيئة صافية ، واحست سيدة النساء فاطمة الزهراء بالسعادة تغمر كيانها وهي ترى نور الإسلام قد أضاء القسم الأكبر من الحجاز ، وتشاهد إياها الرسول عليه الصلاة والسلام في جهاده المؤيد بنصر من الله سبحانه.
لقد احست بالغبطة عندما رأت جبابرة الجزيرة تخضع لسلطان الإسلام ، وتدين برسالة أبيها محمد (ص).
وها هو الرسول العظيم ، يتأهب للسفر إلى فتح مكة ... حرب قريش الظالمة. إلى الوطن الحبيب الذي فارقه منذ ثمانية أعوام مهاجراً بعدما قاسى مر العذاب.
والزهراء (ع) لا تطيق البعد عن أبيها ، وقد اسبغ عليها من آيات