روي أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكان لا يزال مغتماً بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما لك تكون محزوناً ؟ فقال يا رسول الله إني أذنبت ذنباً في الجاهلية فأخاف ألا يغفره الله لي وإن أسلمت فقال له : أخبرني عن ذنبك ؟ فقال : يا رسول الله ، إني كنت من الذين يقتلون بناتهم ، فولدت لي بنت فتشفعت إلي امرأتي أن أتركها فتركتها حتى كبرت وأدركت ، وصارت من أجمل النساء فخطبوها ، فدخلتني الحمية ، ولم يتحمل قلبي أن أزوجها ، أو أتركها في البيت بغير زواج ، فقلت للمرأة إني أريد أن أذهب الى قبيلة كذا وكذا في زيارة أقربائي فأبعثيها معي ، فسرَّت بذلك ، وزينتها بالثياب والحلي ، وأخذت عليَّ المواثيق بألا أخونها ، فذهبت الى رأس بئر فنظرت في البئر ، ففطنت الجارية أني اريد ان ألقيها في البئر فالتزمتني وجعلت تبكي وتقول : يا أبت إيش تريد أن تفعل بي (١) ؟ فرحمتها ، ثم نظرت في البئر فدخلت عليَّ الحمية ، ثم التزمتني وجعلت تقول : يا أبت لا تضيع أمانة أمي ! فجعلت مرة أنظر في البئر ومرة أنظر إليها فأرحمها ، حتى غلبني الشيطان فأخذتها وألقيتها في البئر منكوسة ، وهي تنادي في البئر : يا أبتِ قتلتني ؟! ومكثت هناك حتى انقطع صوتها فرجعت.
فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وقال : لو أُمرت أن أعاقب أحداً بما فعل في الجاهلية لعاقبتك (٢).
ومهما كانت كيفية الوأد ، واختلاف المسببات ، فلقد حاربه الاسلام ،
__________________
(١) ايش : تريد ان تفعل بي ـ كذا وردت في الأصل.
(٢) العرب قبل الاسلام ـ الدكتور جواد علي ـ ج ٥.