انكبت عليه ( الزهراء ) تشمه وتصيح ... واكربي بك يا أَبتاه واكربي لكربك يا ابتاه.
وينظر إليها بكل عطف ... وحنان ... وإشفاق. ينظر إليها نظرة مودع لهذه الدنيا الزائلة ، المليئة بالهموم والأحزان.
ثم يقول : لا كرب على أبيك بعد اليوم. ويوصيها عليهالسلام بالصبر وتقوى الله سبحانه ، وأسرَّ إليها أنه قد حان اجله وأنها أول اهل بيته لحوقاً به. وقال لها : « أما ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الامة. فتجلدي ... واصبري ».
نزل القضاء الذي لا مفر منه ، ولحق الرسول العظيم بالرفيق الأعلى ، وبقيت الزهراء عليهاالسلام حزينة كئيبة يتيمة ، لا تجد للسلوان منفداً إلى قلبها ، ولا تجد الى العزاء سبيلاً.
وعلا الصراخ ... والعويل من البيت النبوي الشريف ، فعلم أهل المدينة بالمصاب الفادح الأليم ، وراحت الزهراء في غيبوبة أفقدتها الوعي.
ولما أفاقت من غيبوبتها ، وجدت الناس كالبركان الثائر سكارى من وقع المصاب ، حيارى من أمرهم ، فقد انصرف جماعة من الصحابة ، الى « سقيفة بني ساعدة » حيث الانصار قد اجتمعوا يتداولون في امر الخلافة ، وذلك بعد ما تأكدوا ان المهاجرين قد اجتمعوا يبرمون الأمر حسب ميولهم وتخطيطهم ، ضد أصحاب الأمر الشرعيين ، الذين نصَّ عليهم الرسول الكريم ...
وكان بين المهاجرين والأنصار حوار واسع وكلام كثير ، وأخذ ورد ، وكانت النتيجة لصالح « أبي بكر ».