إن أبا طالب كان يصنع الصنيع وتكون له المأدبة ، وكان يجمعنا على طعامه ، فكانت هذه المرأة تفضل منه كله نصيباً فأعود فيه.
روى صاحب أعلام النساء : أن فاطمة بنت أسد لما توفيت بالمدينة ، ألبسها رسول الله (ص) قميصه ، واضطجع معها في قبرها ، فقالوا : ما رأيناك صنعت ما صنعت بهذه ؟
فقال : إنه لم يكن أحد بعد ابي طالب أبر بي منها ، إنما ألبستها قميصي لتكتسي من حلل الجنة ، وأضطجعت معها ليهون عليها الحساب (١).
كانت أروى مثال المرأة المسلمة ، جاهدت في سبيل الله بلسانها وبيانها ، في كل دور من أدوار الإسلام الذي مرَّ عليها ، ولم تأل جهداً في أداء النصيحة وإرشاد الناس الى سلوك طريق العدل والانصاف ، وإرجاع كل ذي حق حقه ، بكل ما تقدر عليه ، غير هيابة ولا وجلة ، لا تأخذها في الله لومة لائم.
ولا غرابة فقد كانت السيدة أروى فريدة زمانها ، وبليغة عصرها إذا خطبت أعجزت ، وإن تكلمت أوجزت لانها إبنة البلاغة ومعدن الفصاحة.
ومن جملة نصحها للإسلام ، وإرجاع الحق الى أهله ، دخولها على معاوية بن أبي سفيان وهو في أبهة سلطانه ، وشموخه بأنفه بين أعوانه.
__________________
(١) ذكر صنيع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم اكثر المؤرخين وأصحاب السير ، كالسيد الامين في ايمان الشيعة وعمر رضا كحالة في أعلام النساء والسيد علي فضل الله الحسني في كتابه الاخلاق الاسلامية وغيرهم.