في ذكر آيات أيوب
إنّ الله سبحانه وتعالى لمّا ابتلى أيوب عليه السلام بما ابتلاه في نفسه وأهله وماله وولده ، فصبر عليه ، وسلّم لأمر ربّه تعالى ، وأثابه على ذلك ، وعوّضه من جميع ذلك ، وردّ عليه أهله وماله ومثلهم معهم ، فلمّا استكمل أيّام محنته ، صابراً على بليته ( نَادَىٰ رَبَّهُ ) وقال : ( أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ ) (١) فقال تعالى : ( ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَـٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ ) (٢) وركض برجله الأرض ، وظهرت له منها عين ماء فاغتسل منها ، وشرب وذهب عنه ما كان يجده من الوجع ، ورجع إليه شبابه ، وأتاه أهله ، ومثلهم معهم ، رحمة من ربّه عزّ وجلّ .
وإنّ أئمتنا عليهم السلام قد صبروا على أذيّة كلّ جبّار عنيد ، وشيطان مريد ، وعلى كلّ محنة قد طار شررها ، وشديدة قد استطار ضررها ، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله ، وما ضعفوا وما استكانوا ، وجعل الله لهم ما هو أزيد من ذلك وأوكد رحمة منه .
وإنّ الحسين عليه السلام لمّا قتل في سبيل الله وصبر عليه ، ولم
___________________
(١) سورة ص / الآية : ٤١ .
(٢) سورة ص / الآية : ٤٢ .