فادع الله تعالى لها أن يخلصها مما هي فيه ، فقلت قد فعلت ، على أن لا يُسلط أحداً من نسلكم (١) على أحد من شيعتنا أبداً» . فقلت : ما حق المؤمن على الله تعالى ؟ قال : لو قال للجبال «أوبي لأوَّبت» فأقبل الجبل يتداك بعضه إلى بعض ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : «ضربت له مثلاً ، ليس إيّاك عنيت» فرجع إلى مكانه .
ومعناه على القول الثاني : سبحي معه .
وقد أعطى الله تبارك وتعالى لمولانا زين العابدين عليه السلام ما يماثل ذلك ويشاكله وهو :
١٥٤ / ٢ ـ ما حدّث به سعيد بن المسيب ـ في رواية الزهريّ ـ قال : كان القوم لا يخرجون من مكّة حتّى يخرج زين العابدين عليّ بن الحسين عليهما السلام ، فخرج ، وخرجت معه ، فنزل في بعض المنازل ، وصلّى ركعتين ، وسبّح في سجوده ، فلم يبق شجر ولا مدر إلّا سبّح معه ، ففزعنا فرفع رأسه ، وقال : «يا سعيد أفزعت ؟» قلت : نعم ، يا ابن رسول الله . فقال : «هذا التسبيح الأعظم» .
وأمّا تسبيح الطير فقد ذكرنا في هذا الكتاب ، في آيات أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليهما السلام في آخر حديث وهو :
ما أجاب به عبد الملك بن مروان عامله ، حين أمره بإخراج الباقر إليه ، فقال : وإنّه ليقرأ في محرابه فتجتمع الطير والسباع تعجباً من صوته ، فإنّ قراءته تشبه مزامير آل داود .
وأمّا قوله تعالى : ( وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ) (٢) فإنّه ألان له الحديد ليتخذ له الدروع منه كأنّه الشمعة في يده .
وقد أعطى الله تعالى لأمير المؤمنين عليه السلام مثل ذلك وهو :
___________________
(١) في ص : نسلها ، وفي ك : نسلك .
٢ ـ رواه ابن شهراشوب في مناقبه ٤ : ١٣٦ .
(٢) سورة سبأ / الآية : ١٠ .