الصادق عليه السلام ، فجلسنا في بعض الطريق تحت نخلة يابسة ، فحرّك شفتيه بدعاء لم أفهمه ، ثمّ قال : «يا نخلة ، أطعمينا ممّا جعل الله تعالى فيك من رزق عباده (١)» .
قال : فنظرت إلى النخلة وقد تمايلت نحو الصادق عليه السلام بأوراقها ، وعليها الرطب ، قال : «أدن فقل : بسم الله ، وكل» فأكلنا منها رطباً أطيب رطب وأعذبه ، فإذا نحن بأعرابي يقول : ما رأيت كاليوم سحراً أعظم من هذا ! فقال الصادق عليه السلام : «نحن ورثة الأنبياء ، ليس فينا ساحر ولا كاهن ، بل ندعو الله فيستجيب دعاءنا ، وإن أحببت أن أدعوا الله فتمسخ (٢) كلباً تهتدي إلى منزلك ، وتدخل عليهم فتبصبص لأهلك» .
قال الأعرابي بجهله : بلى . فدعا الله تعالى ، فصار كلباً في وقته ، ومضى على وجهه ، فقال لي الصادق صلوات الله عليه : «إتبعه» فاتبعته حتّى صار في حيّه (٣) ، فدخل منزله ، فجعل يبصبص لأهله وولده ، فأخذوا له عصا فأخرجوه ، فانصرفت إلى الصادق عليه السلام فأخبرته بما كان ، فبينما نحن في حديثه إذ أقبل حتّى وقف بين يدي الصادق عليه السلام ، وجعلت دموعه تسيل ، وأقبل يتمرّغ في التراب ، ويعوي ، فرحمه ، ودعا الله تعالى فعاد أعرابياً .
فقال له الصادق عليه السلام : «هل آمنت يا أعرابي ؟» قال : نعم ألفاً وألفاً .
وأمّا كلام عيسى صلوات الله عليه في المهد ، فهو ما قال الله تعالى : ( فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّـهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ
___________________
(١) في ص : مما يرزق عباده .
(٢) في ع : يمسخك .
(٣) في ر ، ش ، ع ، ك ، ص : إلى حيث يذهب .