فأمسكوا ، فقلت : لمن هذه الراية ؟ قالوا : لربيعة . فقلت : من رئيسها ؟ قالوا : زيد بن صوحان العبديّ . فقلت : كم أنتم ؟ قالوا : طوي الديوان عند الجسر على خمسة آلاف وستمائة وخمسة وستين رجلاً .
قال : فمضوا ، ومضيت على وجهي ، فإذا بغبرة قد ارتفعت ، فأخذت نحوها ، فصيح بي من أنت ؟ قلت : أنا ابن عبّاس . فسكتوا عنّي ، فقلت : لمن هذه الراية ؟ فقالوا : لفلان ، رئيسها الأشتر ، قال : قلت : كم أنتم ؟ قالوا : طوي الديوان عند الجسر على خمسة آلاف وستمائة وخمسة وستين رجلاً .
فرجعت إلى العسكر ، فقال لي أمير المؤمنين : «من أين أقبلت ؟» فأخبرته ، وقلت له : إنّي لمّا سمعت مقالتك اغتممت ، مخافة أن يجيء الأمر على خلاف ما قلت .
قال : فقال : «نظفر بهؤلاء القوم غداً إن شاء الله تعالى ، ثمّ نقسّم مالهم فيصيب كلّ رجل منا خمسمائة» .
قال : فلمّا أن كان من الغد أمرهم أمير المؤمنين صلوات الله عليه أن لا يحدثوا شيئاً حتّى يكون المبتدأ منهم ، فأقبلوا يرمون رجال أمير المؤمنين صلوات الله عليه فأتوه ، فقال لهم : «ما رأيت أعجب منكم ! تأمروني بالحرب والملائكة لم تنزل بعد ؟!» .
فلمّا كان الزوال دعا بدرع رسول الله (ص) فلبسها وصبها عليه ، ثمّ أقبل على (١) القوم ، فهزمهم الله تعالى ، فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه للخزان : «اقسموا المال على الناس خمسمائة خمسمائة» فقسّموها ، ففضل من المال ألفا درهم ، فقال للخازن : «أي شيء بقي عندك ؟» فقال : ألفا درهم .
فقال : «أعطيت الحسن والحسين ومحمّد بن الحنفية خمسمائة
___________________
(١) في ر ، ع : ثمّ قاتل .