وأمر ميزاب هذه الجارية أن تخرج من قبّتها إلى مضرب قد نصب لها في الشمس وقال لها : لو خرجت إلى هذا المضرب ونظرت إلى هذه الأشجار وهذه المدينة التي قد أشرفنا عليها . فخرجت الجارية فإذا في الأرض وحل فكشفت عن ساقيها وسقط خمارها ، فنظر الخائن إليها وإلى حسنها وجمالها فراودها عن نفسها فأجابته ، فبسطني في الأرض وأفرش عليَّ الجارية وفجر بها ، وخانك ، يا ابن رسول الله ، هذا ما كان من قصته وقصتها ، وأنا أسألك بالذي جمع لك خير الدنيا والآخرة إلّا سألت الله تعالى ألّا يعذبني بالنار لفجورهما على تنجيسهما إيّاي .
قال موسى عليه السلام : فبكى الصادق عليه السلام وبكيت وبكى من في المجلس واصفرّت ألوانهم .
قال : ففزع : ميزاب وأخذته رعدة شديدة وخوف ، فخرّ ساجداً لله وقال : قد علمت أن جدّك كان بالمؤمنين رؤوفاً رحيماً فارحمني رحمك الله ، وليكن لك أسوة بأخلاق جدّك فلم يعلم الملك بما كان حالي وقصّتي ، وقد أخطأت .
فقال عليه السلام : «لا رحمتك أبداً ولا تعطفت عليك إلّا أن تقرّ بما جنيت» قال : فأقر الهنديّ بما أخبرت به الفروة .
قال : فلمّا لبسها وصارت في عنقه انضمت في حلقه وخنقته حتّى اسودَّ وجهه ، فقال الصادق عليها السلام : «أيُّها الفرو ، خل عنه» فقالت الفرو : أسألك بالذي (جعلك إماماً) (١) إلّا أذنت لي أن أقتله . فقال : «خل عن النجس حتّى يرجع إلى صاحبه فيكون أولى به منا» .
وفي الحديث طول اقتصرنا منه على موضع الحاجة ، فمن أراد الجميع طلبه في موضعه فإنّه مشهور .
___________________
(١) في ر ، م : خلقك .