ما بين طالبي إلى عباسي إلى جعفري إلى غير ذلك ، إذ جاء أبو الحسن علي بن محمّد عليه السلام فترجل الناس كلّهم ، حتى دخل فقال بعضهم لبعض : لِم نترجل لهذا الغلام ؟ فما هو بأشرفنا ولا بأكبرنا سنا ولا بأعلمنا ! فقالوا : والله لا ترجلنا له . فقال أبو هاشم الجعفري : والله لتترجّلن له [ على ] صغره إذا رأيتموه . فما هو إلّا أن طلع وبصروا به حتّى ترجل له الناس كلّهم ، فقال لهم أبو هاشم : ألستم زعمتم أنّكم لا تترجلون له ؟ فقالوا : ما ملكنا أنفسنا حتّى ترجلنا .
٤٨٥ / ٣ ـ عن الحسن بن محمّد بن علي ، قال : جاء رجل إلى علي بن محمّد بن علي بن موسى عليهم السلام وهو يبكي وترتعد فرائصه فقال : يا ابن رسول الله ، إن فلاناً ـ يعني الوالي ـ أخذ ابني واتهمه بموالاتك ، فسلّمه إلى حاجب من حجّابه ، وأمره أن يذهب به إلى موضع كذا فيرميه من أعلى جبل هناك ثمّ يدفنه في أصل الجبل . فقال عليه السلام : «فما تشاء ؟» فقال : ما يشاء الوالد الشفيق لولده .
قال : «إذهب فإنَّ ابنك يأتيك غداً إذا أمسيت ويخبرك بالعجب من أمره» . فانصرف الرجل فرحاً .
فلمّا كان عند ساعة من آخر النهار غداً إذا هو بابنه قد طلع عليه في أحسن صورة فسرّه وقال : ما خبرك يا بني ؟ فقال : يا أبت ، إن فلاناً ـ يعني الحاجب ـ صار بي إلى أصل ذلك الجبل ، فأمسى عنده إلى هذا الوقت يريد أن يبيت هناك ثمّ يصعدني من غد إلى أعلى الجبل ويدهدهني لبئر حفر لي قبراً في هذه الساعة ، فجعلت أبكي وقوم موكّلون بي يحفظونني ، فأتاني جماعة عشرة لم أر أحسن منهم وجوهاً ، وأنظف منهم ثياباً ، وأطيب منهم روائح ، والموكّلون بي لا يرونهم فقالوا لي : ما هذا البكاء والجزع والتطاول والتضرع ؟ فقلت : ألا ترون قبراً محفوراً ، وجبلاً شاهقاً ، وموكّلين لا يرحمون يريدون أن
___________________
٣ ـ مناقب ابن شهراشوب ٤ : ٤١٦ .