فقال : «كذبتم ، قد استغاث فلم تغيثوه ، واستعاذ فلم تعيذوه ، وأنا أولى بالرحمة منكم ، إنّ الله تعالى قد نزع الرحمة من قلوب المنافقين ، وأسكنها في قلوب المؤمنين ، فبيعوه (١) بمائة» . فباعوه بمائة ، فاشتراه رسول الله (ص) بمائة درهم . ثمّ قال : «انطلق أيّها البعير ، وأنت حرّ لوجه الله» فقام ورغا بين يدي رسول الله (ص) ، فقال : «آمين» ثمّ رغا الثانية ، فقال : «آمين» ، ثمّ رغا الثالثة فقال : «آمين» ، ثمّ رغا الرابعة فبكى رسول الله (ص) وبكينا من حوله ، فقلنا : ما يقول هذا البعير ، يا رسول الله ؟ فقال : «أما إنّه يقول : جزاك الله خيراً أيّها النبيّ القرشيّ عن الإِسلام والقرآن ؛ قلت : آمين ، فقال : حقن الله دماء أمّتك ـ وروى عذاقها (٢) ـ كما حقنت دمي ؛ فقلت : آمين ؛ فقال : أعطاها الله مناها من الدنيا كما سكنت روعتي ؛ قلت : آمين ، ثمّ قال في الرابعة : لا جعل الله بأسها بينها في دار الدنيا» فبكى رسول الله (ص) وبكينا معه ، فقال النبيّ (ص) : «هذه سألتها ربّي فأعطانيها ، وسألته هذه الخصلة فمنعنيها ، وأخبرني أنّه لا يكون فناء أمّتي إلّا بالسيف» .
___________________
(١) في ر ، ص ، ك ، ع : فبيعوني .
(٢) عذاقها : جمع عَذْق : وهو النخلة أو كلّ غصن له شعب ، والمراد دعاء بكثرة الخير لأمّته . «لسان العرب ـ عذق ـ ١٠ : ٢٣٨» ، وفي ص ، ع : عذابها ، وفي ر : عدامّها .