عظيما ودلّ بذلك على بطلان قول من يقول خلق الله فريقا للكفر وفريقا للايمان لان ذلك لو صح لكان لا نعمة له على من خلقه للكفر والنار.
[ مسألة ] قالوا ما معنى قوله تعالى ( ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ ).
وجوابنا ان المراد ثمّ قصد خلق السماء لأنّ الاستواء عليه تعالى على الحد الذي يجوز على أشخاص لا يجوز ولذلك قال تعالى بعده ( فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ ).
[ مسألة ] ان قيل أنتم تنزهون الملائكة عن المعاصي فكيف قال تعالى ( وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ) أفليس هذا القول منهم كالاعتراض على ربهم.
وجوابنا انه تعالى أعلمهم طريقهم في العبادة وانه سيسكن الارض من يقع من بعضهم الفساد والقتل فلما قال تعالى وقد صور آدم وخلقه ( إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) قالوا على وجه المسألة والتعرف ( أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها ) وعلى هذا الوجه يحسن ذلك ولذلك جعل تعالى جوابهم ( إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ ) فبين سبحانه وتعالى انه العالم بالمصالح المستقبلة فاذا كان في معلومها ما يظهر من الفضل والعلم من الانبياء والمؤمنين كان ذلك أصلح في الحكم.
[ مسألة ] قالوا أفما يدل قوله تعالى ( وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ ) على ان الامر بما لا يطاق يحسن لأن الملائكة لم تقدر على هذه الأسماء ولذلك قالت ( سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاَّ ما عَلَّمْتَنا ). وجوابنا ان ذلك جعله الله تعالى معجزة لآدم ودلالة على نبوته من حيث عرفه أسماء المسميات جميعا فعرفت الملائكة بذلك انه نبي وعظّمته وجعل الله تعالى ذلك مقدمة الى ما أمرهم به