فو الله لئن قتلك هؤلاء القوم ليتخذنا خولا وعبيدا.
ولقيهما عبد الله بن [ ٦١ ـ ألف ] عمر ، وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة (١) بالأبواء منصرفين من العمرة ، فقال لهما ابن عمر : أذكّركما الله إلاّ رجعتما فدخلتما في صالح ما يدخل فيه الناس! وتنظرا ، فإن اجتمع الناس عليه لم تشذّا ، وإن افترق عليه كان الذي تريدان!
وقال ابن عمر لحسين : لا تخرج ، فإنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ خيّره الله بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ، وأنك بضعة منه ولا تنالها ـ يعني الدنيا ـ فاعتنقه وبكى وودّعه.
فكان ابن عمر يقول : غلبنا حسين بن علي بالخروج ، ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة ، ورأى من الفتنة وخذلان الناس لهم ما كان ينبغي له أن لا يتحرّك ما عاش ، وأن يدخل في صالح ما دخل فيه الناس ، فإنّ الجماعة خير!!
وقال له ابن عبّاس : أين تريد يا ابن فاطمة؟ قال : العراق وشيعتي ، فقال : إنّي لكاره لوجهك هذا ، تخرج إلى قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك حتّى تركهم سخطة وملّة لهم ، أذكّرك الله أن تغرر بنفسك.
وقال أبو سعيد الخدري : غلبني الحسين بن علي على الخروج وقد قلت له : اتّق الله في نفسك! وألزم بيتك ، فلا تخرج على إمامك (٢)!!
__________________
٥ / ٣٢٧ ، الأخبار الطوال : ٢٣٠ ، الكامل : ٤ / ٤١ ، تاريخ الاسلام ـ ط القاهرة ـ ٢ / ٣٤٢ ، عقد الفريد : ٤ / ٣٧٦ وعنه في جواهر المطالب : ٢ / ٢٦٣ ، وذكره بمعناه ابن خلدون في تاريخه : ٣ / ٢٧ ذيل عنوان ( مسير الحسين إلى الكوفة ومقتله ).
(١) « هو عبد الله بن عيّاش بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي الزرقيّ ـ بضمّ الزاي وفتح الراء ، نسبة إلى بني زريق ، مصغّرا ـ
ترجم له في اسد الغابة : ٣ / ٢٤٠ وقال : ولد بأرض الحبشة ، وروى عن النبي صلىاللهعليهوآله .
قال ابن حجر في الإصابة : ٢ / ٣٤٩ : ذكره الباوردي في الصحابة وأورد من طريقه خبرا في صفة علي موقوفا.
وبنو عمّه هم : خالد بن الوليد وابنه عبد الرحمن وأضرابهم من المنافقين من مبغضي علي عليهالسلام ».
(٢) ( لقد جوزي أبو سعيد الخدري عن إمامه يزيد! خيرا يوم الحرّة حيث صرعه جيشه على الأرض