الواحدة ، وبتعبير آخر : اثبات عدم وجود جامع ذاتي بين الفردين من النسبة ، اذ لو لم يكن تباين تام بين النسبتين لكانت بينهما ماهية واحدة مشتركة تشكل الجامع الذاتي المشترك بينهما.
وقبل ان نقيم الدليل على هذه الدعوى نطرح السؤال التالي : متى تتعدد النسبتان بحيث نحصل على فردين من النسبة؟ والجواب : ان النسبة تتكثر باختلاف اطرافها ، فالنار والموقد طرفان للنسبة ، والكتاب والمحفظة طرفان للنسبة ايضا ، وحيث ان ذينك الطرفين غير هذين الطرفين تتعدد النسبة فنحصل على فردين منها ، فتكثر النسبة اذن بتكثر اطرافها ، ولكن بم تتكثر الاطراف؟ ان تكثر الاطراف يحصل مرة باختلافها اختلافا حقيقيا كما في مثل « الموقد والنار » و « الكتاب والمحفظة » ، ويحصل اخرى باختلافها موطنا وان لم تختلف حقيقة كما في قولنا « النار في الموقد » ، فان هذه النسبة في الخارج تختلف عن النسبة في ذهن المتكلم ، والنسبة في ذهن المتكلم تختلف عن النسبة في ذهن السامع ، وهذا الاختلاف لم ينشأ من الاختلاف في الاطراف حقيقة بل عن اختلاف موطن الاطراف.
وبعد تجلي هذا نرجع الى صلب الموضوع : وهو اقامة الدليل على التباين الذاتي بين افراد النسبة وعدم وجود جامع ذاتي بينها ، ان الدليل على ذلك يتركب من خطوات ثلاث هي :
١ ـ ان الجامع بين الافراد على قسمين ، فتارة يكون جامعا ذاتيا واخرى يكون جامعا عرضيا ، والجامع الذاتي عبارة عن المقومات الذاتية ، فالجامع الذاتي بين زيد وعمرو هو الحيوان الناطق حيث انه المقوم الذاتي لهما ، اما الجامع العرضي فهو الامر الخارج الذي يجمع بين الفردين كالابيض الذي هو شيء