منهم أو خصوص ما كانت منهم كما هو مقتضى التعريف الثاني ، بل هو الظاهر من الأول أيضا.
هذا وقد ذكر غير واحد أن من خواصه عدم نقض الحكم فيه بالاجتهاد ، بل يجب على غيره من القضاة تنفيذه وإن خالف اجتهاده ما لم يخالف دليلا قطعيا ، وأن له ولاية على كل مولى عليه مع فقد وليه ومع وجوده في مواضع يأتي بعضها إنشاء الله ، وأن به يلزم حكم البينة لمن شهدت عليه والشهود ، فأما من شهدت عليه فيلزمه الحق ، وأما الشهود فيغرمهم إياه لو رجعوا عن الشهادة ، وهو جيد.
لكن قد يشكل الاستثناء في الأول فيما إذا كان الدليل القطعي نظريا لم يثبت قطعيته عند القاضي الأول بإطلاق ما دل (١) على النهي عن رده ، كما أنه يشكل تنفيذه من القاضي الآخر بكونه غير ما أنزل الله تعالى.
ومن هنا أمكن القول بعدم جواز رده وعدم وجوب تنفيذه ، بمعنى إجراء الحكم الواقع عليه في حقه ، ويأتي إنشاء الله تمام الكلام في ذلك.
وأما الولاية على المولى عليه أو على المصالح العامة فالظاهر عدم لزومها للنصب للقضاء ، فهي حينئذ أمر آخر تتبع عبارة النصب.
وعلى كل حال ففي التحرير وغيره « أن القضاء واجب على الكفاية ، بل في الرياض نفي الخلاف فيه بيننا ، قال : لتوقف نظام النوع الإنساني عليه ، ولأن الظلم من شيم النفوس ، فلا بد من حاكم ينتصف من الظالم للمظلوم ، ولما يترتب عليه من النهي عن المنكر والأمر بالمعروف ».
وفيه أن ذلك من قاعدة اللطف المقتضية نصب الامام المتوقف عليه استقامة نظام نوع الإنسان ، وليس هو من الواجب الكفائي بالمعنى المصطلح ، نعم من السياسة الواجبة على الامام عليهالسلام نصب ما يستقيم به
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١١ ـ من أبواب صفات القاضي ـ الحديث ١ و ١٧ و ٤٨.