فالتحقيق حينئذ ما عرفت من حرمة الهدية رشوة كالهبة رشوة وحينئذ يكون الرشاء أعم من كل من هذه العقود من وجه نحو الإعانة على الإثم ، فتأمل جيدا كي تعرف ما في المسالك وغيرها من حرمة الهدية للقاضي والعامل ممن لم تكن عادته الهدية له قبل ذلك أو كانت للقاضي من أحد الخصمين ، بل وغير ذلك من المباحث.
( و ) كيف كان فـ ( ـلو تلفت ) أي الرشوة ( قبل وصولها إليه ضمنها له ) لعموم « على اليد » (١) وغيره مما تقدم الكلام فيه وفي جميع ما يتعلق بالمسألة موضوعا وحكما في المكاسب (٢) فلاحظ وتدبر ليظهر لك الحال في كثير من مباحث المقام حتى الإشكال في الضمان مع التلف ، خصوصا إذا كانت الرشوة من الأعمال التي تبرع بها الراشي ونحوه مما لا يد فيه للمرتشي ولا أمر بالعمل ، وحتى فيما ذكره بعض من حرمة ما يقع من المدعي من الأعمال لأجل الحكم وإن لم يدخل ذلك تحت الرشوة في الاسم ولكن يدخل في الحكم ، ضرورة عدم الدليل على الحرمة المنافية للأصل وغيره بعد عدم الاندراج في اسم الرشوة أو غيره مما هو عنوان للحرمة كالمتوصل به إلى الباطل ونحوه ، أما إذا كان وصلة إلى الحق فلا بأس به بعد أن لم يكن رشوة كما هو الفرض.
هذا وقد يقال : باختصاص الرشوة فيما بذل للقاضي على الحكم ولو بحق وللعامل على الباطل ، أما الثاني فللإجماع المحكي في المسالك ، وأما الأول فلظاهر النصوص (٣) وما في بعضها من الإطلاق كالنبوي (٤) الذي
__________________
(١) المستدرك الباب ـ ١ ـ من كتاب الغصب ـ الحديث ٤ وسنن البيهقي ج ٦ ص ٩٥.
(٢) راجع ج ٢٢ ص ١٤٩.
(٣) الوسائل الباب ـ ٨ ـ من أبواب آداب القاضي.
(٤) المستدرك ـ الباب ـ ٨ ـ من أبواب آداب القاضي الحديث ٨.