ولعله لذا جزم ابن إدريس بأن القول بالقضاء بمجرد نكول المنكر من دون حلف المدعي اشتباه وخطأ محض ، بل قد يحتمل كلام القائلين به إرادة تسبيب نكول المنكر لزوم الحق ولو باقتضائه حلف المدعي بعد الرد عليه من الحاكم.
بل لعله ظاهر المحكي عن ابن زهرة منهم ، فإنه بعد أن اختار في المقام القضاء برد اليمين على المدعي قال بعد ذلك بورقة تقريبا : « وإن نكل المدعى عليه عن اليمين لزمه الخروج عن حق خصمه فيما ادعاه » وهو لا يتم إلا بما ذكرناه.
( و ) على كل حال فـ ( ـلو بذل المنكر يمينه بعد ) الحكم بـ ( ـالنكول لم يلتفت إليه ) بناء على القضاء به بلا خلاف أجده فيه وفي عدم الالتفات إليه أيضا بعد إحلاف الحاكم المدعي على القول الثاني ، كما اعترف به في الرياض لتمامية الأمر وثبوت الحق وحصول الفصل بسبب القضاء عليه حينئذ بعد الأدلة التي سمعتها من الطرفين التي لا يعارضها إطلاق ما دل على أن اليمين عليه بعد تقييدها به ، بل في الرياض دعوى اختصاصه بحكم التبادر وغيره بيمينه قبل الحكم عليه بنكول أو إحلاف المدعي برد اليمين عليه ولو من الحاكم.
نعم في الرياض « هذا إذا كان الحكم عليه بنكوله بعد عرض حكمه عليه ولو مرة ، ولو قضى بنكوله من غير عرض فادعى الخصم الجهل بحكم النكول ففي نفوذ القضاء إشكال من تفريطه ، وظهور عذره ، ولعل الثاني أظهر ، وبالأصل أوفق ».
قلت ـ بعد الإغضاء عن قوله : « ولو مرة » المشعر بإرادة العرض لتحقيق النكول لا تفهيم الحكم ـ : ليس في شيء مما وصل إلينا من الأدلة وجوب العرض عليه بمعنى إعلامه حكم النكول ، والأصل البراءة ،