المسألة ( الثالثة : )
( لا تسمع الدعوى في الحدود مجردة عن البينة ) بلا خلاف أجده فيه ، كما اعترف به غير واحد ، لأن من شرط سماع الدعوى أن يكون المدعي مستحقا لموجب الدعوى ، فلا تسمع في الحدود ، لأنها حق الله تعالى ، والمستحق لم يأذن في الدعوى ولم يطلب الإثبات ، بل أمر بدرء الحدود بالشبهات (١) وبالتوبة عن موجبها (٢) من غير أن يظهره للحاكم ، وقد قال صلىاللهعليهوآله لمن حمل رجلا على الإقرار عنده بالزنا (٣) : « هلا سترته بثوبك » وسماعها بالبينة بمعنى ثبوتها بها ، لا أنها تكون دعوى له معها ، كما هو واضح ( و ) حينئذ فـ ( ـلا يتوجه ) فيها ( اليمين على المنكر ).
( نعم ) لو كان الحق مشتركا بين الله وبين الآدمي ، كما ( لو قذفه بالزنا ولا بينة فادعاه ) المقذوف بالزنا مثلا ( عليه ) ففي توجه اليمين على المقذوف به وعدمه قولان ( قال ) الشيخ ( في المبسوط : ) ( جاز أن يحلف ) اليمين المردودة ( ليثبت الحد على القاذف ) ترجيحا لحق الآدمي ، ويحتمل بل يمكن القطع به أن يكون المراد قذفه بالزنا بأن قال له : يا زاني ثم لما أريد قيام حد القذف عليه ادعى الزنا على المقذوف ولكن لا بينة له على ذلك جاز أن يحلف المقذوف على عدم
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب مقدمات الحدود ـ الحديث ٤ من كتاب الحدود.
(٢) الوسائل الباب ـ ١٦ ـ من أبواب مقدمات الحدود ـ من كتاب الحدود.
(٣) سنن البيهقي ج ٨ ص ٢٢٨ و ٣٣٠ و ٣٣١ وفيه « لو سترته بثوبك » و « لو كنت سترت عليه بثوبك ».