حكم عليه حاكم آخر بالحد فله حبسه مع امتناعه ليتمكن الحاكم عليه بالحد منه ونحو ذلك ، فتأمل جيدا فإن المسألة غير محررة.
( و ) على كل حال فـ ( ـما ينتهي إلى الحاكم أمران : أحدهما حكم وقع بين المتخاصمين ، والثاني ) حكم وقع منه بعد ( إثبات دعوى مدع على الغائب ، أما الأول فإن حضر شاهدا الإنهاء خصومة الخصمين وسمعا ما حكم به الحاكم وأشهدهما على حكمه ثم شهدا بالحكم عند الآخر ثبت بشهادتهما حكم ذلك الحاكم وأنفذ ما ثبت عنده ) كما عرفت التفصيل في ذلك ، وأن التحقيق عدم اشتراط حضورهما مجلس الخصومة وسماعهما شهادة الشهود إن كانوا ، بل ولا إشهاده ويكفي فيهما حضور إنشاء حكومة الحاكم على وجه علما ذلك منه نحو باقي أفراد الإنشاء ، وحينئذ ينفذه الحاكم الآخر بل الحاكم نفسه لو فرض نسيانه ( لا أنه يحكم بصحة الحكم في نفس الأمر ) كما صرح به في القواعد وغيرها ( إذ لا علم له به ) وربما كان مبناه مخالفا لرأيه.
( بل الفائدة فيه قطع خصومة المختصمين لو عاودا المنازعة في تلك الواقعة ) وإن كان قد يتوهم أن له الحكم بثبوت الحق على نحو ما يحكم به بالبينة ، لأنه أحد الطرق المثبتة للحق ما لم يعلم خطأه ، بل أدلته بالنسبة إلى ذلك أقوى من أدلة البينة ، فله الحكم به بعد ثبوته عنده ، بل يمكن إرادة هذا المعنى من الإنفاذ المزبور ، وذلك لأن الفرض وقوع الفصل في الخصومة من الحاكم الآخر ، فلا يتصور لها فصل آخر على نحو الفصل الأول ، فليس حينئذ إلا الحكم بمعنى إنفاذ الحكم الأول على الوجه المزبور وإلا فالفائدة المزبورة موجودة في الحكم الأول أيضا.
إلا أن ذلك كله كما ترى ، ضرورة كون الحكم من الحاكم مجرد إلزام للخصم بالحق وفصل بينهما ، لا أنه هو دليل الحق كما أوضحنا ذلك