وبذلك كله ظهر لك المراد من عدم العمل بالحكم بعد الفسق قبل النفوذ ، ومن إقراره مع سبق نفوذه على الفسق ، بل ظهر لك ذلك في الفتوى.
بل قد يشكل أصل العمل بالحكم من الحاكم الذي حكم حاكم آخر بإنفاذه مع الفسق من الأول بعد الإنفاذ بأن مقتضاه بطلان الحكم الأول بالفسق المتأخر عنه ، وتبعية بطلان التنفيذ الذي هو تابع لصحة الأول.
اللهم إلا أن يقال بعدم تأثير الفسق في الأول مع سبق الحكم بالإنفاذ ، ضرورة اقتضاء الفسق البطلان من حينه لا من الأصل ، ولا وجه له بعد الحكم بصحته من الحاكم الذي لم يصدر ما يقتضي بطلان حكمه ، فيبقى على أصل الصحة المقتضي للعمل بالحكم الأول ، هذا كله في الفسق.
أما غيره من العوارض كالجنون والموت ونحوهما فالأصل يقتضي بقاء حكمه على الصحة المقتضي لتنفيذه بالمعنيين ، بل قد يستفاد من ذلك حكم فتواه أيضا الذي قلد ببعض أفرادها ، ضرورة تضمن الحكم للفتوى المفروض عدم انتقاضها أيضا بذلك ولو للأصل المزبور الذي لم يدل دليل على اشتراط أضدادها حين العمل بما يتجدد من أفراد الفتوى السابقة التي فرض التقليد فيها ، نعم الظاهر الإجماع على عدم جواز العمل ابتداء بفتاوى الأموات ، أما غير ذلك فلم يثبت.
بل يتجه حينئذ جواز العمل بفتوى من عرض له الجنون مثلا ابتداء مع عدم الإجماع فضلا عن الاستدامة ، ضرورة كون المستفاد من الأدلة اعتبار هذه الشرائط في حصول الفتوى ، بمعنى صدورها حال كونه عاقلا مثلا ، لا أنه يعتبر حال العمل بها كونه كذلك ، بل لعل ملكة الاجتهاد كذلك أيضا على إشكال ، ولكن الاحتياط طريق النجاة.
وبذلك يظهر لك النظر في كلام الكركي في كتاب الأمر بالمعروف